ليست محاكمته على الشهداء فقط
لو هناك يقظة حقيقية للتهم الموجهة لحسني مبارك ، أن ما يحاكم عليه الأن عبارة عن حرف من كلمة في جملة من كتاب في ديوان كبير ، المحاكمة الحقيقية يجب أن تكون أولاً على ما تسبب فيه مبارك من العزلة التامة للشعب المصري عن الوعي السياسي و الفكري ، فقد سقانا كأس الجهل السياسي ، و ما نحن فيه الأن أشبهه بأننا قد شربنا من هذا الكأس ، حتى غاب كل منا عن الوعي ، فأصبحنا في طريق السقوط إلى الهاوية. لذلك البعض منهم يطالب بتسليم السلطة . و لم يدرك أحد منهم ، لمن ستسلم؟؟؟ و من سيستلمها؟؟؟؟؟؟؟؟ الكل يصرخ من الوجيعة و لكن لا يستطيع أحد منهم ترجمة هذه الوجيعة إلى معنى صحيح .فتاهت المعاني الحقيقية.
اليوم نجد أن مصر بها 85 مليون من البشر ، يريدون أن يصبحوا حكاماً لهذا البلد . لذلك إذا تتبعنا ما يحدث من مظاهرات ، نجد أن كل محافظة تتظاهر على موضوع غير الأخر ، التحرير ينادي برفض وثيقة السلمي ، ثم تأتي مجموعة أخرى تنادي بسقوط المجلس العسكري ، و في محافظة أخرى يتظاهرون بحق دماء الشهداء ، و أخرى تعتصم و تقول سلمية ،و ، و ، و إلخ.
و التهمة الثانية التي يجب أن يحاكم عليها مبارك ، التفرقة التي زرعها بين أطياف و طبقات الشعب المصري ، مما أدت إلى زرع و إنبات الحقد و الكراهيه بين هذه الفئات ، ولاسيما إنفجار أسلوب البلطجة حين أتيحت الفرصة.
أما أهم تهمة هي التعتيم التام عن معنى الحرية ، و التي يفهما الأغلبية العظمى اليوم كل على هواه.
و التهمة الرابعة كيف انتشرت الأمراض المختلفة القاتلة بين الشعب المغلوب على أمره؟
و لو بحثنا أكثر لوجدنا الكثير و الكثير .
إن مرحلة الإصلاح الحقيقية لن تكون إلا حينما نعالج ما أفسده مبارك في تكوين الشخصية المصرية ، سواء كانت صفات كامنة ، أو ظاهرة سلبية.
التوجيه السلوكي هو الحل الوحيد لإصلاح المجتمع المصري . لن يصلح شأنها دكتور ، أو اقتصاي أو عسكري أو ، أو أو . بل الوحيدون الذين يستطيعون العلاج هم علماء علم النفس و الإجتماع .. و لك الله يا مصر
